الاثنين، 15 ديسمبر 2014

مفاصلة الاسلاميين في السودان ..لماذا؟؟

 البعض يظن  ان الحركة الاسلامية ظلت قطيعا يسير خلف الترابي وانها كانت طيعة في يديه ، وهذا ليس صحيحا البتة ، فقد كان الترابي يبزل جهدا كبيرا في الاقناع ، وكان من حوله لهم شخصياتهم الفكرية المستقلة تماما ، وربما كان من مشكلاتهم ان وجود شخصية ضخمة كالترابي جعلهم في الظل ، كامين حسن عمر وحسن مكي والتجاني عبد القادر ، وهم في الحقيقة من الكثرة بحيث يصعب احصائهم وكلهم نتاج لحرية الفكرية ولطريقة الترابي في تشجيع الفكر وطريقة الحركة في تقديم اهل النظر والاستبصار قبل الدولة والانقلاب الذي حول الميزة الي سبة فاصبح يقال (منظراتي) ، كتهمة مانعة من تولي الوظائف العليا بل وحتي الدنيا ، وقد  شهدت في ايام عافية الحركة نقاشا راقيا  في قضايا كثيرة ايام كانت نظرية وكان الناس ينقسمون لكن قانون الحركة كان يلزم بالمضي معا استجابة للشوري ولكن ظلت القضايا العملية السياسية هي التي تناقش وتلزم بالتالي الحركة براي الشوري ؟، لكن ظلت القضايا الفقهية بعيدة لايلتفت اليها الكثيرين خاصة التي يري الفقه التقليدي انها شاذة فلم تكن تلزم الجميع اطلاقا ، وبعض هذه الافكار هو في قضايا السياسة ومن ذلك مايتعلق بالشوري وعلاقة الاسلام بالدمقراطية والموقف من الاحزاب القديمة والعلمانية فكثير من الناس لم يكن يؤمن بالتدرج او بالحسني بل يري ضرورة اقامة الشريعة كلها فورا ، وحسم الامور بالقوة ، ولايؤمن بالشوري الواسعة اي بشكل دخول العامة في قرارتها ، وكلها افكار ظلت تناقش بصورة صفوية وظلت تشغل النخب والطلاب فقط اما العامة فكانوا مع الشعار العام فقط وكثير منهم لم يسمع حتي بتفاصيل الرؤي والاختلاف فيها ولم يتبين جديد افكار الترابي فيها ..ولكن اتت الانقاذ لتجعل من المعزول الفكري والرابض علي استحياء قضية القضايا فهاهي الدولة امامنا فكيف تحكم وباي شوري وماهو مستوي الحرية ؟؟..وهل نعتبر الطائفية واحزابها عملاء وخونة ام نعاملهم بالحسني ونجعللهم مقاما سفيانيا ؟؟، ومن هنا بدأت الحرب فالخطة الاولي وما الزمت الحاكم به من بسط الشوري واقامة العدل وكل مافي البيعة العامة التي يفترض ان تطبق ، والتي تقضي بعودة الحريات العامة وبالتالي تغيير وجوه السلطة وفقدان الكراسي ، تتعرض للمراجعة بل الرفض وافكارالترابي تجابه باصحاب المصلحة في استمرار مايراه الترابي وضعا استثنائيا فهو انقلاب اكرهوا عليه باوضع سياسية (مزكرة الجيش)، بينما يري من اصبحوا يتنعمون بالسلطة انه ليس استثنائيا بل ينبغي ان يستمر ، وظل الترابي يجتهد لنقل مثاله بينما تنظر القوة الصاعدة في المجتمع باسم الثورة الي تحركاته بالريبة فهي ستفقدهم كل محفزات الفترة التي يسميها الترابي بالاستنثنائية ، بل تقف سدا منيعا امام طموحهم في التقدم الي مناصب ارفع .،!!
ولهذا فقد كانت اراء الترابي تصطدم بكل مايحلم به كوادر الحركة القدامي والمستقطبين ، من وجاهة وسلطة واموال ، ولما جاء التوالي شنت عليها هجوما قويا مستندة علي الصحافة الجديدة التي كونتها باموال السلطة ، ولاول مرة يشترك العلمانيون في الخارج مع الاسلاميين في رفض التوالي ، الاحزاب تعلم ان تحرك النظام وانتقاله الي الشرعية الانتخابية قاصمة الظهر ، فسيضيف الي الانجازات المادية انجازات اخري ، وسيجد الاسلاميين المبعدين مكانا لطرح افكارهم وبالتالي ستضاعف قوة الاسلاميين ، كان رفض العلمانيين فهما استراتيجيا ، يخدم فكرتهم في ضرورة ان تستمر الدكتاتورية حتي يكون هناك مبرر قوي لبقائهم ومعارضتهم ، لكنه كان غباء من من لم ينتبهوا لذلك وفكروا فقط اما تطرفا في ان عودة الاحزاب والعلمانيين تنازل ، وبهذا الفهم حرضوا قلة من المجاهدين بقيادة محمد احمد حاج ماجد ليخرجوا في مسيرة الي البرلمان رافضين للتوالي الذي كان هو حبل الانقاذ الوحيد للتجربة ، والذي يقدم لها نهاية سعيدة ومون ثم تبدأ مرحلة جديدة كان التنظيم قويا وقادرا وقتها علي مجابهة الاحزاب خاصة بنظام التوالي المتدرج الذي هو مثل التطعيم يقدم احزابا ضعيفة ليعيد الاسلاميين الي ادوات الدمقراطية ثم يفتح الباب في النهاية فيكون الاسلاميين قد انتظموا من جديد واستعادوا مهارتهم في العمل السياسي والفكري،  
أمارئيس الدولة ( البشير) وكثير من افراد القوات المسلحة الذين لايسمح لهم وضعهم بالتعمق في الافكار الا القلة  وعامة الشعب السوداني وجهي العملة استطاع مخالفوا الترابي بقيادة علي عثمان اقناعهم عبر الخطاب العام والاعلام القادر علي ايصال الرسالة ، ان الترابي يدعو الي تمزيق الدولة وانه يطمع في السلطة وانه يحرض ابناء غرب السودان ، لم يواجهوا الفكرة بالفكرة ماعدا ابراهيم احمد عمر ، بل استخدموا اساليبهم الامنية والالتوائية وهي طبيعة الرجل الثاني لا يواجه بل يضرب بقوة تحت الحزام ، وقد كان خطابهم للداخل الاسلامي يعتمد علي ، الدولة واهميتها وانهم قد ضحوا لاجلها وانهم سيفقدون مناصبهم اذا جأت الانتخابات كما حرضوا الجدد الذين احسوا انهم سيضيعون اذا عادت الكوادر القديمة التي انشغلت بالجهاد او بالعمل بعيدا عن السياسة في ثغرات مختلفة ولاشك ان عودة الاحزاب ستعيدهم عبر تقديم اهل الفكر والتجربة ..اما خطابهم للخارج وعامة الشعب فقد كان من جهتين :اولهما اقتصادي وهو يعتمد علي ان ذهاب الترابي سيذهب الوجه الارهابي للدولة وان الدول الخارجية ستعيد العلاقة لذهاب العدو الكبير ، كما تم تحميل الترابي كل اخطأ المرحلة حتيفصل الناس من الخدمة المدنية !!..وبالطبع الترابي لم يكن تنفيذيا وليس محتكا بالمسؤلين الصغار ليقرر رفت هذا وذاك ولم يكن يستفتي في التفاصيل اصلا ..ولكن هكذا روجوا لاقالته وذهابه ، الطريقة الثانية فهي باستخدام خلافات الماضي فقد كان نجاح الترابي واقامة الدولة والشريعة امتحان صعب لمخالفيه السلفيين والاخوان الاخرين ولم ينجح فيه الا القليل فقد ظل بعضهم يناوئها رغم كل ماقدمت من ايجابيات وتشريعات هو يؤمن بها ، ولكن بسبب الترابي شخصيا ..بينما استشهد المخلصين من شبابهم ، فهولا لاحت لهم فرصة اذالت التناقضات كلها ومثلوا بالتالي الدعم المطلوب والمرجعية البديلة الي حين ..وقدموا سندا للدكتاتورية لايقدر بثمن ، وفي تلك الايام ظهرت اجتهادات الترابي كانها جديدة ..وبكل هذه الطرق المتعددة وجد الترابي ومن معه معزولين ، وفقدت الدولة بفقدهم المخلصين واصحاب القضية الفعليين ، وضاعت الخطة بذهاب مهندسوها ..وبقي عمل اليومية وجماعة الجائلين بلا اية ضوابط فكرية او دينية فافرغوا الشعارات من معانيها تماما وتردت الدولة وصارت مؤسسات الاسلاميين خواء من النصح وبالتالي مالا سائبا ، وبؤرا للفساد واستمر الامر حتي فقد حتي رائحة الاسلام والاخلاق بعد ان كانت قبلة للصلاة والازكار والجهاد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق