لو كان القتال شرع لنشر الاسلام والاكراه عليه لما اعطي الرسول يهود المدينة حقهم في العبادة ولقاتل الجميع ولما احتاج الله تعالي لابراز حكمة وسبب وعلة لتجويز القتال قال تعالي : (اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله )..فالاذن لهم جاء بانهم ظلموا ..واخرجوا من ديارهم ، وكذلك من بعدهم : (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم و هموا بإخراج الرسول (و هم بدأوكم أول مرة)؟ أتخشونهم؟؟ اذا فهم بدأوا والبادي اظلم و (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فالله هنا يأمر برد العدوان ولكن بمثل ما اعتدي عليكم حتي لايتجاوز الناس وهو مايسمي في عالم اليوم الرد بالمثل ..اما فتوحات المسلمين فكلها كانت ردا علي عدوان ،وفي تفسير المنار يقول الاما محمد عبده :( واعلم أن هذه الآية في قتال أهل الكتاب وما قبلها في قتال مشركي العرب ليس أول ما نزل في التشريع الحربي ، وإنما هو في غايته ، وأما أول ما نزل في ذلك فقد بينا مرارا أنه آيات سورة الحج : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ( 22 : 39 ) إلخ . ثم قوله تعالى من سورة البقرة وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ( 2 : 190 ) الآيات ، وفي تفسيرها ما اختاره شيخنا من أن القتال الواجب في الإسلام إنما شرع للدفاع عن الحق وأهله وحماية الدعوة ونشرها ، ولذلك اشترط فيه أن يقدم عليه الدعوة إلى الإسلام ، وقال : إن غزوات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت كلها دفاعا ، وكذلك حروب الصحابة في الصدر الأول ، ثم كان القتال بعد ذلك من ضرورة الملك ، وكان في الإسلام مثال الرحمة والعدل [ راجع ص 168 - 170 ج 2 ط الهيئة ]وفي ذات التفسير يقول ايضا : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون هذه غاية للأمر بقتال أهل الكتاب ينتهي بها إذا كان الغلب لنا ، أي قاتلوا من ذكر عند وجود ما يقتضي وجوب القتال كالاعتداء عليكم أو على بلادكم ، أو اضطهادكم وفتنتكم عن دينكم أو تهديد أمنكم وسلامتكم . كما فعل الروم ، فكان سببا لغزوة تبوك ، حتى تأمنوا عدوانهم بإعطائكم الجزية في الحالين اللذين قيدت بهما . فالقيد الأول لهم ، وهو أن تكون صادرة " عن يد " أي قدرة وسعة ، فلا يظلمون ويرهقون . والثاني لكم ، وهو الصغار المراد به خضد شوكتهم ، والخضوع لسيادتكم وحكمكم ; وبهذا يكون تيسير السبيل لاهتدائهم إلى الإسلام بما يرونه من عدلكم وهدايتكم وفضائلكم التي يرونكم أقرب بها إلى هداية أنبيائهم منهم . فإن أسلموا عم الهدى والعدل والاتحاد ، وإن لم يسلموا كان الاتحاد بينكم وبينهم بالمساواة في العدل ، ولم يكونوا حائلا دونهما في دار الإسلام . والقتال لما دون هذه الأسباب التي يكون بها وجوبه عينيا أولى بأن ينتهي بإعطاء الجزية ، ومتى أعطوا الجزية وجب تأمينهم وحمايتهم ، والدفاع عنهم وحريتهم في دينهم بالشروط التي تعقد بها الجزية ، ومعاملتهم بعد ذلك بالعدل والمساواة كالمسلمين ، ويحرم ظلمهم وإرهاقهم بتكليفهم ما لا يطيقون كالمسلمين ، ويسمون أهل الذمة ; لأن كل هذه الحقوق تكون لهم بمقتضى ذمة الله وذمة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأما الذين يعقد الصلح بيننا وبينهم بعهد وميثاق يعترف به كل منا ومنهم باستقلال الآخر [ ص: 256 ](انتهي )...فاذا عرفنا اسباب حرب المشركين في بدر واحد والاحزاب مع مشركي العرب فالروم ايضا هي التي اعدت واتت وبدأت فانه ورد في في تفسير التحرير والتنوير لما اكتمل نصر الإسلام بفتح مكة والطائف وعمومه بلاد العرب بمجيء وفودهم مسلمين ، وامتد إلى تخوم البلاد الشامية ، أوجست نصارى العرب خيفة من تطرقه إليهم ، ولم تغمض عين دولة الروم حامية نصارى العرب عن تداني بلاد الإسلام من بلادهم ، فأخذوا يستعدون لحرب المسلمين بواسطة ملوك غسان سادة بلاد الشام في ملك الروم . ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال " كان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا وأنهم ينعلون الخيل لغزونا فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب فقال : افتح افتح . فقلت : أجاء الغساني . قال : بل أشد من ذلك اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه إلى آخر الحديث . وذكر أن قوله : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( 29 ) ) نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره بحرب الروم ، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزولها غزوة تبوك . فعن مجاهد : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ، حين أمر محمد وأصحابه بغزوة تبوك . وامتدادا لذلك كانت البعثة الي (مؤته) فكانت المعركة وتوالت الحرب علي دولة اعتدت وردت علي دعوة سلمية بتجهيز الجيوش وقيل بل نزلت الاية في اليهود، علي ما اورد البغوي في التفسير قالقال الكلبي : نزلت في قريظة والنضير من اليهود ولو صح هذا فهو دليل علي مانقول ايضا لان الرسول صلي الله عليه وسلم عاشر اليهود زمانا فلم يقاتلهم الا بعد نقضهم لعهدة وبدأوا هم بالخيانة والغدر ، اما الفرس فقد قتلوا رسل رسل الله واعدوا عدتهم لاستئصال شافة المسلبمين فمزق الله ملكهم ..اما من كف ايديه عن المسلمين كالاحباش فلم يتم غزوهم (اتركوا الاحباش ماتركوكم )..اما ان الله امرنا بقتال العالم كله لنكرههم علي الدين فهذا فهم داعشي متطرف وخاطئ بالاساس ..واذا تبني البعض مفهوم داعش التي تدعو لاسقاط الانظمة كلها ومبايعة امير المؤمنين المزعوم فهو يدعو الي فتنة فهذا يعني قتال كافة الانظمة وبالتالي موت شباب المسلمين في معارك ضد بعضهم البعض ومعلوم ان هذا هو مايتمناه الغرب بل ان القضاء علي الجيوش العربية والانظمة واقامة حروب تقضي علي السلم هو اكبر خدمة للعدو ..لهذا نظل نصف داعش بانها افكار متطرفة وفقا لمرجعيتنا الاسلامية وليس لما يصفه الغرب ارهاب اية يد فيما نقول ، واذا لم يكن تطرفا فكيف تري وجوب مقاتلة العالم كله حتي يسلموا بناء علي فهم(البعض ) للحديث الذي يبدا بلا (امرت ان اقاتل الناس..الخ )وهو حديث لايمكنه ابدا ان يعارض جملة القران الداعي الي الحكمة والموعظة ..(قل هذه سبيلي ادعوا الي الله علي بصيرة انا ومن اتبعني )..(ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن)..(ادعوا الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة )..(لا اكراه في الدين )..(فان انتهوا فلا عدوان الا علي الظالمين )..(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا انه لايحب المعتدين)..لكن داعش تعتدي علي المدن الامنة ودواعش السودان يقولون الفتنه ترك الانظمه التي تحكم بغير ما انزل الله قال الله تعالي "وقاتلوهم حتي لا تكون فتنه ويكون الدين كله لله")..اي بالواضح يريدون ان يقاتلوا الانظمة وهو الخروج علي الحاكم الذي رفضه الاسلام ، والخطير انه ينزل هذه الاية التي نزلت في الكافرين المقاتلة علي المسلمين ولاة الامر ..وهذا ما اسميه الفتنة فان هذه الدعوة تبيح دماء الشرطة والامن والبوليس بل الناس الذين يظن الدواعش ان الله امرهم بقتالهم حين قال (وقاتلوهم )، نحن ندعوا لمحاكمة عادلة علي الفعل (المتطرف ) لا علي( الفكر المتطرف) ...محاكمة عادلة ناجزة حتي لايكون هناك سجن بلا سبب اجرامي ...اما الفكر الداعشي فهو سيؤدي بمعتنقه الي قتال الامة كلها .ان قتال ابوبكر الخليفة للمسلم المرتد لا تجوز قتال الداعشي المفتئت علي السلطة والخارجي، فضلا علي انها لا تدلل علي قتال الكافر غير المحارب اما الاية (ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم )فقد قال مجاهد وسعيد بن جبير: وقوله: « إلا الذين ظلموا منهم » معناه إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجدالهم بالسيف حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية...
لرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس يوضح د .عزت عطية أستاذ ورئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، المعنى الحقيقى لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذى يتغافل عنه أصحاب الاتجاه الواحد ,فنحن لا يمكن أن نستدل على موقف الإسلام فى مجال من المجالات ، من آية واحدة أو من حديث واحد ،لأن الآية والحديث كل منهما يمثل جزءا من الحقيقة ، ومن يفعل ذلك يكون كمن يقول بجزء من الآية كقوقله تعالى ( فويل للمصلين ) ثم يقول إن الله يتوعد المصلين بجهنم !وفيما يختص بشأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. فهو أمر يتعلق بالقتال ،وأساس القتال فى الإسلام قول الله تعالى ( وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ) و يقول عليه الصلاة و السلام ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية )..فالاسلام ينظر إلى القتال على أنه عبس وأن القيام به لا يكون إلا عند الضرورة ، كما يقول الله سبحانه وتعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )فالقتال بالنسبة للمسلم مكروه شرعا وغير مطلوب شرعا إلا إذا اقتضت الضرورة كالاعتداء على النفس والأوطان ، فيقول الله تعالى ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) فكان القتال ممنوعا قبل ذلك ثم أبيح للضرورة . وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل ).. يعنى للدفاع عن الدين فالسكون فى ذلك ضعف وجبن لا يليق بالإنسان ..وقوله ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ) ..أى حتى يعترفوا بالتوحيد وما تقتضيه العبودية من العدل .فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حلقة فى سلسلة طويلة عنوانها التعامل بين المسلم وغير المسلم ، وهو مقيد بكل هذه الحلقات فيما يتصل بفهم معناها كلها ، ومن هنا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم عاهد المشركين وصالحهم لمدة طويلة ،وعاهد اليهود وتعامل المسلمون مع غيرهم سلما فى وقت السلم وحربا فى الحرب فى إطار قانونى يعترف العالم بنبله .
يتضح من قول الدكتور ان كلمة:( امرت ان اقاتل الناس )مقصود بها-المحاربين- المقاتلة الذين نصبوا انفسهم للحرب فاذا شهدوا بشهادة الاسلام فلا يستمر المسلم في قتالهم وهذا تعليق فضيلة الشيخ / بن باز على الحديث الشريف :شرح حديث : أمرت أن أقاتل الناس الحديث؟ ج : هذا الحديث صحيح ، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أمرت أن أقاتل الناس حتى الحديث ، وهذا على ظاهره ، فإن من أتى بالشهادتين وهو لا يأتي بهما قبل ذلك ، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فإنه يعتبر مسلما حرام الدم والمال إلا بحق الإسلام ، يعني : إلا بما يوجبه الإسلام عليه بعد ذلك ، كأن يزني فيقام عليه حد الزنا ؛ إن كان بكرا فبالجلد والتغريب ، وإن كان ثيبا فبالرجم الذي ينهي حياته ، وهكذا بقية أمور الإسلام يطالب بها هذا الذي أسلم وشهد هذه الشهادة وأقام الصلاة وآتى الزكاة . فيطالب بحقوق الإسلام ، وهو معصوم الدم والمال إلا أن يأتي بناقض من نواقض الإسلام ، أو بشيء يوجب الحد عليه ، وهكذا قوله في الحديث الآخر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله هذا الحديث مثل ذاك الحديث : من أتى بالتوحيد والإيمان بالرسالة فقد دخل في الإسلام ، ثم يطالب بحق الإسلام ، فيطالب بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ، فإن أدى ما أوجب الله عليه فهو مسلم حقا ، وإن امتنع عن شيء أخذ بحق الله فيه وأجبر وألزم بحقوق الله التي أوجبها على عباده . وهذا هو الواجب على جميع من دخل في دين الإسلام أن يلتزم بحق الإسلام ، فإن لم يلتزم أخذ بحق الإسلام،(انتهي ) اما قتال المعتدي فادلته واضحة جلية سواء اكان مسلما ام كافرا رافضيا ام سنيا فهو يقاتل لعدوانه لا علي عقيدته(رافضي او مسيحي او يهودي او وثني او مسلم) ويعتبر قتاله جهادا دينيا رغم النه لا يهدف الي تغيير عقيدته بل رد ظلمه (بانهم ظلموا)...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق